القيادة التنفيذية وبناء الإنسان

إن بيئة العمل التي يشعر فيها الموظفين بالتقدير والاحترام هي أمر أساسي، وتمتلك الشخصيات القيادية القدرة على توفيرها من خلال: تقدير الذات وإدامة العلاقات، واستخدام الاتصال ثنائي الاتجاه، وممارسة المرونة أثناء تنفيذ المهام، وتحديد نقاط القوة الفردية والبناء عليها، والاعتراف بالتنوع وتقديره، وتحديد التوقعات من العمل الجماعي مع تثمين عمل الموظفين وتقاسم الموارد والمعلومات وإبداء التقدير والعرفان لما تم إنجازه. فعندما تحدث أزمة ويتم تعطل البرامج بسببها، يمكن للقيادة أن تلعب دورًا مهمًّا في إعادة البناء حيث أن الحدث يؤثر على كل فرد بشكل مختلف بمستويات متفاوتة من التوتر والخبرات والاتجاهات التي يكونها. لذلك من المهم تحديد التحديات التي تواجه الفريق في تحقيق أهدافه وتحديد مجالات التطور المهني التي يحتاجها الفريق، ومساعدة الأفراد في وضع أهداف الأداء التي يرغبون في تحقيقها. فنحن غالبًا لا يمكننا معرفة ما قام الآخرون بمعايشته وتجربته بالضبط، ولكن من الممكن الاستماع إلى وجهات نظرهم والتعاطف مع ما يقومون به لاستيعاب معطيات الموضوع وتشجيع التعاون بينهم. إن بناء ثقافة جديدة يتطلب إعادة بناء رؤية الفريق وخطته باستخدام إعادة النظر والتمعن في الفرص الجديدة لإعادة تشكيل الأولويات وإنشاء فرق أكثر تعاونًا. ولعل من أهم الفرص إصدار هوية جديده للشركة من أول مرتكزاتها بناء الإنسان، مما يشجعنا على استثمار التحديات وجعلها منطقة عمل لتشجيع وتطوير قدرات الفريق، من خلال معرفة الأصول المعرفية والثقافية والعلائقية التي لدينا، ومعرفة ما الأصول التي نحتاجها حتى نحصل على التغيير الذي نريده بالتكامل بين ما نملك من قدرات في الفريق. فمن خلال تحليل مواطن القوة ومواطن التحسين وإيجاد الفرص لمواءمة المهام لذلك، واستخدام تحليل البعد المهني والوطني والاجتماعي حيث الاهتمام المتزايد بمبادرات التعليم لصنع هوية مسؤولة عن تلك المخرجات ومقدرة لذاتها وعملها، وصنع معنى للمهام والإجراءات التي يقوم بها جميع الموظفين مهما كانت، فكل مهمة هي عمل وطني من أجل بناء المستقبل، وجعل ذلك المعنى ثقافة للفريق تنبثق منها الإجراءات وتحتكم لها. إن المشاكل والتحديات التي تحصل لنا هي مؤشرات لفحص ما كنا نعمله، حيث لا مانع من التخلص من الأعمال غير المفيدة مهما كنا قادرين عليها وتشعرنا بالراحة والتمكين. لكن ذلك يتطلب شجاعة للتخلص منها، والقيام بأدوار قد تكون غير مريحة لنا، وبذلك سنتعرف على مناطق وقدرات في أنفسنا لم نكن نعرفها. كما أن مشاركة الحوار الداخلي مع الفريق يشجع على مشاركة الأفكار الداخلية والمخاوف وله أثر رائع في التخلص من بعض القناعات المتكونة نتيجة الخبرات المهنية التي مررنا بها جميعًا وتخزنت داخلنا دون مراجعة. فالتغيير يتطلب اتباع منهجية مُنظمة تدعم الأفراد داخل الشركة لقبول التغيير والانتقال من وضع منبثق من التميز في العمل الفردي إلى وضع مستقبلي (مُستهدف) وهو التكامل بين عمل الفريق، وهذا سينعكس على جودة المخرجات وبالتالي سينعكس على رضى العميل في جو من البهجة والسعادة في بيئة العمل لمعالجة التحديات وخلق شعور بالاندماج.

أ. سحر العبسي