الجانب العاطفي في رعاية الطفل

يتواصل الطفل مع من حوله وتحديداً في السنة الأولى من عمره لتلبية حاجات أساسية لديه، ومنها حاجاته البيولوجية والحاجة للشعور بالأمن والحب، ويكون لديه توقعات أن يستجيب المربي لهذه الحاجات فإذا ما تمت تلبية توقعات الرضيع من الحماية والرعاية فإن دماغه يمر بخبرة السعادة والسرور، وتقوم هذه التفاعلات المبكرة السارّة بدفع الطفل للتواصل بكل ثقة وسهولة مع من يقوم على رعايته. أما إذا لم يتم تلبية توقعاته بالشكل المناسب، فإن ثقته في تلبية احتياجاته من خلال علاقاته بالآخرين قد تتعرض للتحديات، وعندما يحدث ذلك فإن الطفل سيعاني في تطوره الاجتماعي والعاطفي، ذلك لأنّ التطور العاطفي للأطفال الرضع، يشكل القاعدة التي ترتكز عليها كافة أنواع التعلم الأخرى، إضافة إلى النمو العقلي واللغوي.

إنّ الخبرات المبكرة في العلاقات، سواء في البيت أو في بيئة التعلم المبكرة، تمهد الطريق لعمل الدماغ في المستقبل، فالمعلومات التي جمعها الطفل من خلال هذه العلاقات المبكرة تشكل نواة لعملية بناء المعرفة، فخبرة تلقي استجابات من المربي/ مقدمي الرعاية تجعل الطفل يبدأ ببناء توقعات حول كيف سيُعامل، وكيف ينبغي عليه أن يستجيب، لذا فإن استجابات الكبار الثابتة والمتسقة التي توفر له الراحة تساعده في توقع استجابات مشابهة في المستقبل. وكلما تم تعزيز هذه التوقعات بخبرات مشابهة فإن الطفل يبني تصورات عن المحيط الاجتماعي والعاطفي الذي يعيش فيه، ومثل هذه التصورات تؤثر على كيفية فهمه لبيئته، وتواصله مع الآخرين، ومشاركته في التعلم. وإذا كانت خبرات الطفل إيجابية فإنه سينظر إلى سلوكيات ورسائل الآخرين بطريقة إيجابية، مما يدفعه لاستكشاف المزيد عن العالم من حوله، أما عندما يتلقى خبرات سلبية مبكرة ومتكررة، فإنه يتوقع بأن تكون سلوكيات ورسائل الآخرين تجاهه سلبية، ومن ثم يبدأ بالنظر إلى الخبرات الجديدة مع الآخرين بطريقة سلبية.

إن أساس تطور الدماغ في المراحل العمرية الصغيرة للطفل هو التطور الاجتماعي والعاطفي، والذي يقوم على العلاقات مع المربي ومقدمي الرعاية، ويتأثر تأثراً مباشراً بالتفاعل اليومي معهم.  وإذا أدرك المربي/ مقدم الرعاية كيف أن خبرة الطفل ككل – وخاصة في فترة التطور العاطفي- تؤثر على نمو الدماغ، فإنهم سيوفرون علاقات الرعاية التي تساعد الطفل على الشعور بالأمان والانفتاح على عالم من الاستكشاف والتعلم طوال السنوات المبكرة.

د. خولة صبحا